الجامع الأموي :
وفارقت الأموي التي تحيا به الأرواح وتنتعش النفوس , و يوم كان الأموي قلب دمشق , كان مثابة للناس , يجلسون فيه في الحرم في الشتاء , وفي الصيف يقعدون في الصحن ,حيث النسيم الرَّخيّ لا ينقطع و الماء يتدفق من فوهة البركة , و الرّواق الفخم من حولهم والمآذن الثلاث تطل عليهم ( المئذنة الشرقية وتسمى مئذنة عيسى , والمئذنة الغربية التي تطل على المسكية و تسمى مئذنة قايتباي , و مئذنة العروس , وهي أبهى مآذن الأموي و تقوم في الجهة الشمالية للمسجد ) و يطل معها أربعون قرناً من الزمان من يوم كان معبداً وثنياً إلى أن أصبح كنيسة نصرانية , إلى أن شرفه الله بالإسلام و ضوَّأ جوانبه بنور الإيمان .
لقد كان الأموي حافلاً بحلقات التدريس , فيه دروس بعد الفجر ودروس بعد العصر ودروس بعد المغرب , وفي مقدمتها حلقتا المحدثين الكبيرين الشيخ بدر الدين الحسني و الشيخ محمد بن جعفر الكتاني .
ومن عادات المؤذنين أنهم يأتون بعد صلاة العشاء بابتهالات وأناشيد نبوية ( وهي بدعة ) , ولكن الشيء المميز أن لحن هذه الأناشيد مربوط بالأيام , فلكل يوم مقام ونغم من المقامات السبعة الأصلية , فمن لم يعرف ما هو اليوم و كان له بصر بالأنغام عرفه من نغمة النشيد .
كذلك كان الأموي .
روائع طنطاوية - تأليف : ابراهيم مضواح الألمعي
من كتاب الذكريات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق